الرُوَّاةُ مع المدلسين فلم يقبلوا منهم حَدِيثًا حتى يقول قائلهم: (حَدَّثَنِي) أو (سَمِعْتُ) (?). وصيغة الإفراد في التحديث أعلى العبارات في نظر الحافظ ابن كثير (- 774 هـ) ففي قول الراوي (حَدَّثَنَا) أو (أَخْبَرنَا) احتمال أن يكون في جمع كثير، وربما لا يكون الشيخ قصده بذلك. ولا يعين قَصْدَ الشيخ له إلا الإفراد (?).
وقول المُحَدِّثِ: أعلى مَنْزِلَةً من قوله: (حَدَّثَنَا فُلاَنٌ عَنْ فُلاَنٍ) إذ كانت «عَنْ» مُسْتَعْمَلَةً في تدليس ما ليس بسماع (?). وقد لاحظ بعض الشعراء المتأخرين هذا حين قال:
يَتَأَدَّى إِلَيَّ عَنْكَ مَلِيحٌ ... مِنْ حَدِيثٍ وَبَارِعٌ مِنْ بَيَانِ
بَيْنَ قَوْلِ الفَقِيهِ «حَدَّثَنَا سُفْيَانُ» فَرْقٌ وَبَيْنَ «عَنْ» سُفْيَانِ (?).
ويجوز أخيرًا في السماع أن يقول الرَّاوِي: (قَالَ لَنَا فُلاَنٌ) أو (قَالَ لِي) أو (ذَكَرَ لِي)، إذ هي في الاتصال مثل (حَدَّثَنَا) وإن كانت أشبه بسماع المذاكرة (?).
وأضعف هذه العبارات جميعًا أن يقول الرَّاوي (قَالَ) أو (ذَكَرَ) من غير (لِي) لأنها توهم التدليس. وإلى هذا أشار حَمَّادٌ حين قال: «إِنِّي أَكْرَهُ إِذَا كُنْتُ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ أَيُّوبَ (?) حَدِيثًا أَنْ أَقُولَ: (قَالَ أَيُّوبُ كَذَا وَكَذَا)،