بلاغة 1 المتكلم:

هي ملكة يقتدر بها على التصرف في فنون الكلام وأغراضه المختلفة، ببديع القول وساحر البيان، ليبلغ من المخاطب غاية ما يريد، ويقع لديه الكلام موقع الماء من ذي الغلة الصادي، وتلك الملكة لا يصل إليها إلا من أحاط بأساليب العرب خبرا، وعرف سنن تخاطبهم في منافراتهم ومفاخراتهم ومديحهم وهجوهم واعتذارهم وشكرهم، ليلبس لكل حال لبوسها، ويراعي الخصائص والمقتضيات التي تناسبها.

انظر إلى النبي عليه السلام تجده راعى حال من يخاطبه، فكتب إلى أهل فارس بما يسهل ترجمته، فقال: "من محمد رسول الله إلى كسرى أبرويز عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، فأدعوك بداعية الإسلام فإني أنا رسول الله إلى الخلق كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين, فأسلم تسلم، فإن أبيت فإثم المجوس عليك".

وكتب بضدها إلى وائل بن حجر الحضرمي وقومه ففخم لهم اللفظ لما عرف من فضل قوتهم على فهمه، وعادتهم سماع مثله فقال: "من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة من أهل حضرموت بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، على النيعة الشاة، والتيمة لصاحبها، وفي السيوب الخمس، لا خلاط ولا وراط، لا شناق ولا شغار، ومن أجبى فقد أربى، وكل مسكر حرام"2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015