وأفدت باستعارة البحر له سعته في الجود وفيض الكف، وباستعارة السيف له إعطائه ما لها من البهاء الحسن الذي يبهر العيون ويملأ النواظر، وباستعارة السيف له إعطائه ما له من الحدة والمضاء.
وهي تشبيه حذف أحد طرفيه وأداته ووجه الشبه، لكنها أبلغ منه؛ لأننا مهما بالغنا في التشبيه فلا بد من ذكر الطرفين, وهذا اعتراف بتباينهما, وأن العلاقة بينهما ليست إلا التشابه والتداني فلا تصل حد الاتحاد، إذ جعلك لكل منهما اسما يمتاز به دليل على عدم امتزاجهما واتحادهما، بخلاف الاستعارة فإن فيها دعوى الاتحاد والامتزاج، وأن الشبه والمشبه به صار شيئا واحدا يصدق عليهما لفظ واحد، فإن قلت: رأيت بحرا يعطي البائس والمحتاج، كنت قد جعلت الجواد والبحر شيئا واحدًا حتى صح أن تسمي أحدهما باسم الآخر، ولولا ما أقمت من الدليل "القرينة" على ما تريد، لما خطر ببال المخاطب غير البحر الذي تعورف بهذا الاسم.
ومن قبل هذا اشترط فيها تناسي التشبيه وادعاء أن المشبه فرد من أفراد المشبه به، فلا يذكر وجه الشبه، ولا أداته، لا لفظا ولا تقديرا، كما لا يجمع فيها بين الطرفين على وجه ينبئ عن التشبيه بأن يكون المشبه به خبرا1 عن المشبه في في حكم الخبر2 كما في بابي كان، وإن المفعول الثاني3 في باب ظن، أوحالا4، أو صفة5، أو مضافا كلجين6 الماء، أو مصدرا مبينا لنوعه7