فقد شبه الرجال في دروع الزرد بالجمال الجرب، وذلك من البعد بمكان؛ لأنه إن أراد السواد فلا مقاربة بينهما فيه، فإن لون حديد الدروع أبيض، وإن أراد شيئا آخر فليس بواضح مع ما فيه من السخف، ونحوه قول المتنبي:

وجرى على الورق النجيع القاني ... فكأنه النارنج في الأغصان1

إذ لا مشاكلة بين لون الدم ولون النارنج.

تذييل:

وفيه أمران:

1- التشبيه، باعتبار المبالغة أقسام ثلاثة:

أ- أعلاها ما حذف فيه الوجه والأداة، نحو: محمد أسد.

ب- المتوسط في المبالغة، وهو ما حذف فيه الوجه، أو الأداة، نحو: علي كالبدر، أو: علي بدر في الحسن والبهاء.

جـ- أدناها ما ذكر فيه الوجه والأداة، نحو: علي كالأسد في الشجاعة.

ذاك أن القوة إما بعموم وجه الشبه ظاهرا2، أو بحمل المشبه به على المشبه وإيهام أنه هو، فما اشتمل على الوجهين معا فهو في غاية القوة، وهو القسم الأول، وما خلا منهما معا، فلا قوة له، وهو القسم الثالث، وما اشتمل على أحدهما فقط فهو متوسط، وهو القسم الثاني.

2- اختلف القوم في التشبيه، أيعد من المجاز أم لا؟ فأهل التحقيق قالوا: الطرفين مستعمل في موضوعه.

وذهب ابن الأثير إلى أنه مجاز وحجته أن مضمر الأداة من التشبيه معدود في الاستعارة, فيجب أن يكون مظهرها كذلك, إذ لا فرق بينهما إلا بظهور الأداة وظهورها إن لم يزده قوة ودخولا في المجاز لم يكن مخرج له عن سننه, كذا في "الطراز" بتصرف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015