وجه الشبه هو الوصف الخاص1 الذي قصد اشتراك الطرفين فيه، فقولك: علي كالأسد، ووجه سعدى كالشمس, الوجه في الأول الجرأة والإقدام وشدة البطش المشهورة في الأسد، وفي الثاني الحسن والبهاء الثابتان للشمس.
فمن أراد أن يشبه حركة أو هيئة بغيرها فعليه أن يتطلب أمرا يشترك فيه الطرفان, كما فعل ابن المعتز حين يقول:
وكأن البرق مصحف قار ... فانطباقا مرة وانفتاحا2
فهو لم ينظر إلى جميع صفات البرق، بل نظر إلى انبساط يعقبه انقباض، وانتشار يتلوه انضمام، فشبه ذلك بمصحف، القارئ يفتح مرة، ويطبقه مرة أخرى.
ومما ذكر تعلم أن قولهم: "النحو في الكلام كالملح في الطعام" يريدون به أن الكلام لا ينتفع به إلا بمراعاة أحكام النحو فيه، كما لا ينتفع بالطعام ما لم يصلح بالملح، إلا أن القليل من النحو مفيد والكثير مفسد، كما يفسد الملح الطعام، إذا كثر فيه، إذ لا تتصور زيادة ولا نقصان في جريان أحكامه في الكلام؛ لأنه إن استوفى أحكامه من رفع الفاعل ونصب المفعول ونحو ذلك، فقد وجد النحو وانتفى الفساد وانتفع به في فهم المراد وإلا لم يوجد وكان