وسبب ذلك دلالته على المقارنة لكونه مضارعا، ويناسب ذلك ترك الواو وعدم الحصول، ويناسبه ذكرها.
جـ- وإن كانت فعلية ذات ماض لفظا ومعنى، فكذلك يجوز فيها الأمران فمن مجيئها بالواو قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ} 1، وقول امرئ القيس:
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها ... لدى الستر إلا لبسة المتفضل2
ومن ترك الواو قوله عز وجل: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} 3، وقول عمرو بن كلثوم:
فآبوا بالرمح مكسرات ... وأبنا بالسيوف قد انحنينا
وشرط ذلك ألا تقع بعد إلا أو "أو العاطفة" وإلا امتنع الاقتران بها، نحو: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} 4، وقوله:
كن للخليل نصيرا جار أو عدلا ... ولا تشح عليه جاد أو بخلا
د- وكذا الماضوية معنى فقط "هي المضارع المنفي بلم أو لما" فمن مجيئها بالواو قول كعب بن زهير:
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم ... أذنب وإن كثرت في الأقاويل
وقوله عز اسمه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} 5، ومن تركها قوله تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} 6، وقوله:
فقالت له العينان سمعا وطاعة ... وحدرتا كالدر لما يثقب
وسبب جواز الأمرين أنه إذا كان الماضي مثبتا دل على حصول صفة غير ثابتة