فحذف الجواب وهو كذبتم في زعمكم وأقام مقامه قوله لهم: إلف ... إلخ، لدلالته عليه.

قال عبد القاهر: واعلم أن الذي تراه في التنزيل من لفظ قال مفصولا غير معطفو هذا هو التقدير فيه والله أعلم، أعني مثل قوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ، فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ، فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ} 1 فقد جاء على ما يقع في أنفس المخاطبين إذا قيل: دخل قوم على فلان فقالوا كذا أن يقولوا فما قال هو ويقول المجيب قال كذا أخرج الكلام ذلك المخرج؛ لأن الناس خوطبوا بما يتعارفون.

وقال السكاكي: وتنزيل السؤال المفهوم من الكلام السابق منزلة الواقع لا يصار إليه إلا لاعتبارات لطيفة كإغناء السامع عن أن يسأل، أو ألا يسمع منه شيء تحقيرا له، أو لئلا ينقطع كلامك بكلامه، أو للقصد إلى تكثير المعنى بتقليل اللفظ، بترك السؤال، وترك العاطف، إلى غير ذلك، مما ينخرط في هذا السلك. ا. هـ.

4- شبه2 كمال الانقطاع، وهو أن تسبق جملة بجملتين يصح عطفهما على إحداهما، ولا يصح عطفها على الأخرى لفساد المعنى، فيترك العطف دفعا لهذا الوهم، ويسمى الفصل حينئذ قطعا، كقوله:

وتظن سلمى أنني أبغي بها ... بدلا أراها في الضلال تهيم

فبين الجملتين مناسبة ظاهرة لاتحاد المسندين؛ لأن المعنى أراها أظنها، وكون المسند إليه في الأولى محبوبا والثانية محبا، ولكن ترك العطف لئلا يتوهم أنه عطف على أبغي، فيكون من مظنونات سلمى، كالمعطوف عليه، وهو خلاف المراد3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015