الباب السابع في التنكير:

لم يتعرض لهذا الباب كثير ممن كتب في هذا الفن، وأول من فتق أكمام زهاره صاحب "الكشاف" وتبعه من جاء بعده من علماء البيان, وقصارى ما قالوه: إن المسند إليه ينكر لأغراض، منها:

1- ألا يعلم المتكلم جهة من جهات التعريف من علمية أو صلة أو غيرها، فتقول: جاء هنا رجل يسأل عنك، إذا لم تعرف له اسما ولا نحوه.

2- أن يقصد فرد غير معين مما يصدق عليه اسم الجنس نحو: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} 1 أي: فرد من جنس الرجال.

3- أن يمنع من التعريف مانع، كقوله:

إذا سئمت مهنده يمين ... لطول الحمل بدله شمالا2

لم يقل يمينه تحاشيا من نسبة السآمة إلى يمين الممدوح.

4- أن يقصد نوع مخصوص نحو:

لكل داء دواء يستطب به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها

يريد لكل نوع من أنواع الأدواء ما يناسبه من أصناف الأدوية، وعليه قوله تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 3.

قال في "الكشاف": معنى التنكير أن على أبصارهم نوعا من الأغطية غير ما يتعارفه الناس وهو غطاء التعامي عن آيات الله، ولهم من بين الآلام العظام نوع عظيم لا يعلم كنهه إلا الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015