وقال آخر (الرّمل):
لا تعاشر معشرا ضلّوا الهدى … فسواء أقبلوا أو أدبروا
بدت البغضاء من أفواههم … والذي يخفون منها أكبر
فالشاعر اقتبس في البيت الثاني جزءا من الآية 118 من سورة آل عمران التي جاء فيها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ، واضح أنّ الشاعر غيّر شيئا في الآية ليناسب الكلام الوزن. وهذا التغيير اليسير في الشعر خاصة مسموح به عند البلاغيين.
أمّا الاقتباس من الحديث الشريف فكقول الحريري «وكتمان الفقر زهادة، وانتظار الفرج بالصبر عبادة» فقد اقتبس من لفظ الحديث «انتظار الفرج بالصبر عبادة».
واقتبس الشعراء أيضا من الحديث الشّريف كما في قول ابن عبّاد (م الرمّل):
قال لي إنّ رقيبي … سيّء الخلق فداره
قلت دعني وجهك الجن … نة حفّت بالمكاره
فلقد اقتبس الشاعر في البيت الثاني جزءا من الحديث الشريف وقد جاء فيه «حفّت الجنّة بالمكاره، وحفّت النّار
بالشهوات» وقد أدخل تعديلا طفيفا في الحديث ليتناسب مع قواعد العروض. وهذا مقبول عند البلاغيين أيضا.
والاقتباس أنواع منها:
أ- اقتباس لا ينقل فيه المقتبس عن معناه الأصلي إلى معنى آخر.
وما تقدّم من أمثلة ينطبق عليه.