وربما أنطق الله سبحانه الغلامَ الحدثَ بما يعجز عنه فطاحلُ الأدباء، فيصير ذلك علامةً كاشفة لما أودع الله بين جنبيه من الحكمة، وما متَّعه به من الذكاء:
* وقد رُوي عن معمر في تفسير قوله تعالى: {وَآتيناه الحكم صبيًّا} أن الصبيان قالوا ليحيى: "اذهب بنا نلعب"؛ فقال: "ما لِلَّعِبِ خُلِقْتُ" (?).
* وقال الشيخ يسين بن يوسف المُرَّاكشي: (رأيت الشيخ (?) -وهو ابن عشر سنين- بنوى، والصبيان يُكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم، ويبكى لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، قال: فوقع في قلبي محبته، وجعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، قال: فأتيت الذى يقرئه القرآن توصية به، وقلت له: "هذا الصبي يُرجَى أن يكون أعلم أهل زمانه، وأزهدهم، وينتفع الناس به"، فقال لي: "أمنجم أنت؟ "، فقلت: "لا، وإنما أنطقني الله بذلك"، فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام) (?).