ولا يستفزه لوم اللائمين، ولا تثبيط القاعدين:
سبقت العالمين إلى المعالي ... بصائب فكرة، علوِّ هِمَّهْ
ولاح بحكمتي نور الهدى في ... ليالٍ للضلالة مُدْلهمهْ
يريد الجاهلون ليطفئوه ... ويأبى الله إلا أنْ يُتِمَّهْ
وقال الشماخ بن ضرار في عرابة الأوسي:
رأيتُ عَرابةَ الأوسيَّ يسمو ... إلى الخيراتِ منقطعَ القرينِ
إذا ما رايةٌ رُفعتْ لمجدٍ ... تلقَّاها عرابةُ باليمينِ
وقال ابن نباتة السعدي:
أعاذلتي على إتعاب نفسي ... ورعيي في الدجى روضَ السهاد
إذا شام الفتى برقَ المعالي ... فأهونُ فائتٍ طِيبُ الرقاد
ومن أراد الجنة سلعةَ الله الغالية لم يلتفت إلى لوم لائم، ولا عذل عاذل، ومضى يكدح في السعي لها: قال تعالى: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورًا} وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة" (?)، وقدر السلعة يُعرف بقدر مشتريها، والثمن المبذول فيها، والمنادي عليها، فإذا كان المشتري عظيمًا، والثمن خطيرًا، والمنادي جليلاً؛ كانت السلعة نفيسة: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}.
أنت يا مفتون ما تبرح في بحر المنام ... فدع السهو وبادر مثل فعل المستهامِ
وسح الدمع على ما أسلفته ... وابك ولا تلو على عذل الملام
أيها اللائم دعنى لست أصغي للملام ... إنني أطلب ملكًا نيله صعب المرام