علو الهمه (صفحة 315)

فلمَّا وقف بين يديه ضربه بيده ثلاث مقارِع وقال: "لو كنتُ أنا الأسير بين يديك ما كنت تفعل؟ " قال: "كلَّ قبيح"، قال: "فما ظنُّك بي؟ " قال: إمَّا أن تقتل بعد أن تُشَهِّر بي في بلادك، وإمَّا أن تعفوَ، وتأخذَ الفداء، وتُعيدَني"، قال: "مما عزمتُ على غير العفو والفداء"، فافتدى نفسه بميلون ونصف من الدنانير، فقام بين يدي السلطان وسقاه شربةً من ماء، وقبَّل الأرض بين يديه، وقد ترك له السلطان عشرة آلاف دينارٍ ليتجهَّزَ بها، وأطلق معه جماعةً من البطارقة الأسرى (?).

* ومن علو همة السلطان المنصور أبي يوسف يعقوب ابن السلطان يوسف ابن السلطان عبد المؤمن بن على المغربي، المراكشي، الظاهري: أنه كتب إليه "الأدفنش" يهدده، ويُعنفه، ويطلب منه بعض البلاد، ويقول: "وأنت تماطل نفسك، وتُقَدِّم رِجْلًا، وتؤخر أخرى، فما أدري الجبنُ بطَّأ بك، أو التكذيب بما وعدك نبيك؟ "، فلما قرأ الكتاب، تنمَّر، وغضب، ومزَّقه، وكتب على رقعة منه: {ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون} الجواب ما ترى، لا ما تسمع:

ولا كُتْبَ إلا المشرفية عندنا ... ولا رُسْل إلا للخميس العَرَمْرَمِ

ثم استنفر سائر الناس، وحشد، وجمع، حتى احتوى ديوان جيشه على مئة ألف، ومن المُطَّوِّعة مثلهم، وعَدَّى إلى الأندلس، فتمَّت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015