تركتها تستريح- فقال: "هيهات! إنما يسبق من الخيل المُضَمَّرة".
وقد قيل: من طلب الراحة، ترك الراحة.
فيا وصل الحبيب أما إليه ... بغير مشقة أبدًا طريق
قال الإمام المحقق -رحمه الله-:
(وقد أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يُدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة، فاتته الراحة، وأنَّ بحسب ركوب الأهوال، واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة، فلا فرحة لمن لا هَمَّ له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلًا، استراح طويلًا، وإذا تحمل مشقة الصبر ساعة قادة لحياة الأبد، وكل ما فيه أهل النعيم المقيم فهو صبر ساعة، والله المستعان، ولا قوة إلا بالله.
وكلما كانت النفوس أشرف، والهمة أعلى، كان تعب البدن أوفر، وحظه من الراحة أقل، كما قال المتنبي:
وإذا النفوسُ كُنَّ كبارًا ... تعبت في مرادها الأجسام
وقال ابن الرومي:
قلب يظل على أفكاره ويَدٌ ... تُمْضِي الأمورَ ونفسٌ لهوُها التعَبُ
وقال مسلم في "صحيحه": (قال يحيى بن أبى كثير: "لا يُنال العلم براحة البدن").
ولا ريب عند كل عاقل أن كمال الراحة بحسب التعب، وكمال النعيم بحسب تحمل المشاق في طريقه، وإنما تخلص الراحة واللذة والنعيم في دار السلام، فأما في هذه الدار فكلا ولمَّا) (?) اهـ.