أعني بالقبورية: المبالغة في تعظيم القبور والتمسح بها وبناء القباب عليها، وقد اشتهر في العصر الحديث أن الدعوة الوهابية- كما يحلو للبعض أن يسميها- من أعظم الدعوات محاربة لها، لكن ليس هذا الموقف خاصا بدعوة محمد بن عبد الوهاب، بل درج علماء المغرب على الإفتاء بذلك قبل ظهور الدعوة الوهابية بأزمان.
بل هذا إمام المذهب مالك بن أنس رحمه الله قد صح عنه من وجوه النهي عن تشييد القبور والبناء عليها وتجصيصها وغير ذلك، وبالغ في النهي عن المبالغة في تعظيم قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - والتمسح به، وحذر من تتبع الآثار والمشاهد، ونهى عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة، ونهى عن التوسل بغير الله.
وقد فصلت الكلام حول هذا في رسالتي: "عقيدة الإمام مالك". وأكتفي هنا بنقل واحد عن الإمام مالك وأتبعه بأقوال بعض أئمة المذهب.
قال مالك: أكره تجصيص القبر والبناء عليه، وهذه الحجارة التي يبنى عليها. المدونة (1/ 170).
قال سحنون معلقا: فهذه آثار في تسويتها فكيف بمن يريد أن يبني عليها. انتهى.