مالك ملت إلى الإجمال، ولم تفصل في التدليل والاستدلال، ولم تحسن المنافحة عن الفرق المغمورة بالجهل والضلال.
إننا نقترح عليك بمقتضى كوننا جهلاء بالحقيقة في نظرك: أن تجرد أقلامك وترهفها للكتابة في الموضوع ثانيا، وتفصل وتفصل من غير همهمة ولا إجمال، فإن نهاية الانكسار الذي ما أفادنا إلا انكسار قلمك في تحرير اللغة العربية، وتحبير القواعد العلمية والأدبية، لم يبرد لنا غليلا، ولم يبر منا عليلا، ولم يهدنا سواء السبيل، وهل إلى ذلك من سبيل؟ ... ياأيها المؤلف النزيه النبيه النبيل، المنتسب إلى خير قبيل.
وقال (ص100) فانظروا يا إخواننا العوام إلى قوله في هذا الحديث «ستكون فتن» (?) وتأملوه فإنكم إن أمعنتم النظر استنتجتم أنه لا فتنة أضر عليكم في دينكم من فتن الطرق، فإنها حولتكم عن الوجهة التي وجه الشارع إليها وجوهكم ونبهكم إلى طلب الهداية إليها بقوله: اهدنا الصراط المستقيم. وبقوله: {وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [آل عمران:101]. وهو أدرى بمصالحكم منكم وإن كان هناك فتن أخرى فإنها في نظر ذي الفهم الصحيح أدون وأهون من تلك الفتنة التي تسلب الإنسان المسلم من أعز عزيز لديه، وهو إخلاص التوحيد لله وتخصيصه بالإعطاء والمنع والضر والنفع ونذر النذور واليمين والسجود ونحوها من خواص الربوبية، وتبث في نفسه الخضوع والاستكانة والتذلل والاستخذاء.