ثم شابها برأي الفلاسفة ورموز الحلاج, وجعل ينحو على الفقهاء والمتكلمين, ولقد كاد أن ينسلخ من الدين.
فلما عمل كتابه سماه: "إحياء علوم الدين" عمد يتكلم في علوم الأحوال ومراقي الصوفية, وكان غير دري بها ولا خبير بمعرفتها، فسقط على أم رأسه, فلا في علماء المسلمين قَرَّ, ولا في أحوال الزاهدين استقر.
شحن كتابه بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فلا أعلم كتابا على بسيط الأرض في مبلغ علمي أكثر كذبا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه.
سبكه بمذاهب الفلاسفة ومعاني رسائل إخوان الصفا, وهم قوم يرون النبوءة اكتسابا، وليس النبي في زعمهم أكثر من شخص فاضل تخلق بمحاسن الأخلاق وجانب سفسافها, وساس نفسه حتى ملك قيادها, فلا تغلبه شهواته, ولا يقهره سوء أخلاقه. ثم ساس الخلق بتلك الأخلاق. وأنكروا أن يكون الله تعالى من أقر منهم بالصانع يبعث إلى الخلق رسولا ويؤيده بالمعجزات حيل ومخاريق.
ولقد شرف الله الإسلام وأوضح حجته، وأقام برهانه، وقطع عذر الخلائق بحججه الواضحة, وأدلته القاطعة الدامغة. وما من ينصر دين الإسلام بمذاهب الفلاسفة وآراء المنطقية إلا كمن يغسل الماء بالبول.
ثم يسوق الكلام سوقا يُرعد فيه ويُبرق, ويمني ويشوّق, حتى إذا تشوفت له النفوس, قال: هذا من علم المعاملة، وما وراءه من علم المكاشفة, ولايجوز