فقال لهم: معاذ الله، إنما نقول كما قال مالك: الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة انتهى (?) , فهل في هذا مخالفة؟

فقالوا له: لا، وبمثل هذا نقول نحن أيضا.

ثم قال له القاضي: وبلغنا عنكم أنكم تقولون بعدم حياة النبي وإخوانه من الأنبياء عليهم السلام في قبورهم.

فلما سمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلام ارتعد ورفع صوته بالصلاة والتسليم عليه, وقال: معاذ الله تعالى، بل نقول إنه - صلى الله عليه وسلم - حي في قبره, وكذلك غيره من الأنبياء حياة فوق حياة الشهداء.

ثم قال له القاضي: وبلغنا أنكم تمنعون من زيارته - صلى الله عليه وسلم - وزيارة الأموات قاطبة مع ثبوتها في الصحاح التي لا يمكن إنكارها.

فقال له: معاذ الله أن ننكر ما ثبت في شرعنا, وهل منعناكم أنتم منها لما عرفنا أنكم تعرفون كيفيتها وآدابها , وإنما نمنع منها العامة الذين يشركون العبودية بالألوهية ويطلبون من الأموات أن تقضي لهم أغراضهم التي لا يقضيها إلا الربوبية , وإنما سبيل الزيارة الاعتبار بحال الموتى وتذكار مصير الزائر إلى مثل ما صار إليه المزور, ثم يدعو له بالمغفرة ويستشفع به إلى الله تعالى, ويسأل الله تعالى المنفرد بالإعطاء والمنع بجاه ذلك الميت إن كان ممن يليق أن يستشفع به, هذا قول إمامنا أحمد بن حنبل رضي الله عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015