بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
لم يكن الأقدمون بحاجة إلى جُهْدٍ كبير للعثور على الحديث، لأن اطلاعهم على مصادر السُنَّةِ كان واسعًا، وَصِلَتُهُمْ بها كانت وثيقة لحفظهم واستذكارهم لها، ولأنهم كانوا على علم بطريقة تأليفها وترتيبها، لذلك كان يسهل عليهم الاستفادة منها والمراجعة فيها لاستخراج الحديث.
وبقيت الحال على ذلك عِدَّةَ قرون، إلى أن ضاق اطلاع كثير من الناس على كتب السُنَّةِ ومصادرها الأصلية، فصعب عليهم حينئذٍ معرفة مواضع الأحاديث فيها، فنهض العلماء، وَشَمَّرُوا عن ساعد الجِدِّ وتناولوا المُصَنَّفَاتِ الأَصْلِيَّةِ للحديث وألفوا حولها الفهارس في محاولة منهم لتسهيل الوصول إليها.
وسنعرض في هذه الدراسة لحركة فهرسة الحديث، فنتكلم عن مصادر الحديث الأصلية التي عني العلماء بفهرستها، لم نتكلم عن نشأة فهرسة الأحاديث وتطورها عبر الزمن مستعرضين جهود ومناهج العلماء فيها، ثم نتكلم عن فكرة المَوْسُوعَةِ الحَدِيثِيَّةِ، ونعرض في الفصل الأخير لأشهر كتب فهارس الأحاديث مع وصف تفصيلي لأهمها. وقد ذَيَّلْنَا الرسالة بفهرسين، أحدهما لأسماء الأعلام، والآخر لأسماء الكتب الواردة في الكتاب.
وهذه الدراسة هي أول محاولة من نوعها تجمع ما وُضِعَ من فهارس الحديث، وكل مبتدئ في فن من الفنون يكون عمله نَاقِصًا، لم يجيء على مثال سبق، يَتَكَمَّلُ بمحاولات