أما بقية الخمس، فهل يزول الإسلام بزوالها؟ الظاهر أن الاسم باق ما دام الأساس باقيًا، وما دام معترفًا بوجوبها كلها، غير منكر لشيء منها، او مستخف به، وأما من ترك شيئًا منها كَسَلاً أو شُحًّا أو اتباعًا للهوى - دون جحود ولا استخفافًا - فالجمهور على انه عَاصٍ لله تعالى، ناقص الإسلام نقصًا لا يصل به إلى الكفر. وذهب أحمد وإسحاق إلى كفر تارك الصلاة خاصة، لظواهر أحاديث وَرَدَتْ عن كفر تاركها، وستأتي في كتاب الصلاة إن شاء الله.
ويشبه الجمهور الإسلام هنا - أخذًا من الحديث - ببيت من الشعر (خيمة) أقيم على خمسة أعمدة، أحدها أوسط والبقية أركان.
وإنما رتبها هكذا بناء على أهميتها، فبعد الشهادتين تأتي الصلاة لأنها عمود الإسلام، كما في حديث معاذ عند " الترمذي ". والزكاة قرينتها من الكتاب وَالسُنَّةِ، ولهذا قال أبو بكر: «وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ»، والصوم يليهما، لأنه فريضة سنوية، والحج آخرها لأنه في العمر مرة.
ولم يذكر الجهاد رغم عظم منزلته في الدين لأنه فرض كفاية، ولا يتعين إلا في بعض الأحوال. ولهذا جعل ابن عمر الحديث جواب من سأله: «أَلاَ تَغْزُو؟».
(يراجع " فتح الباري "، و " عمدة القاري "، و " شرح مسلم " للنووي وغيره. و " شرح المشكاة " للقاري، الحديث الرابع، و " جامع العلوم والحكم " لابن رجب، الحديث الثالث، وغيرها من الشروح).
(خ) في (الإيمان) وسنده: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ... الحديث.
ورجال السند كلهم ثقات مترجم لهم في " التهذيب " وفروعه، إلا أن عبيد الله بن موسى شيخ البخاري ضعفه بعضهم لِتَشَيُّعِهِ، ولم يزل السلف والخلف على قبول الرواية من الشيعة والخوارج وغيرهم إذا كانوا من أهل الصدق والإتقان، وبعضهم فَرَّقَ بين الداعي