وهنا نضع جملة من القواعد أو المعايير، ينبغي أن نسلم بها، ونصطلح عليها، لتكون أساس الانتقاء لأحاديث الموسوعة.

أ - فما رواه " الصحيحان " أو أحدهما فقد جاز القنطرة، لتلقي الأُمَّةِ لهما بالقبول ... ولا يبحث فيه، إلا إذا كان مما انتقد عليهما، أو على أحدهما مَتْنًا أَوْ سَنَدًا، أَوْ بَدَتْ لأهل العلم فيه عِلَّةٌ، فَتُبَيَّنُ وَتُبْحَثُ.

ب - وأما ما رواه غيرهما، فما صَحَّحَهُ أَوْ حَسَّنَهُ أئمة هذا الشأن، ولم يخالفهم غيرهم، ولم تظهر لمن بعدهم فيه عِلَّةٌ، أَوْ وَهْمٌ، فهو في موضع القبول.

وإنما قيدت قبول تصحيح الأئمة لما عدا " الصحيحين " بأن لا يخالفهم غيرهم ولا تظهر لمن بعدهم فيه عِلَّةٌ، أَوْ وَهْمٌ، لما ثبت أنه قد يُصَحِّحُ بعض الأئمة أو يُحَسِّنُ بعض الأحاديث لبعض الرواة، ولا يوافقه غيره، مثل تحسين الترمذي - بل تصحيحه أحيانًا - لحديث كثير بن عبد الله بن عوف - وهو مجروح عند جمهور أئمة الحديث - ولعدد من الرواة المضعفين عند غيره.

ومثل ذلك تصحيح ابن خزيمة وابن حبان لأحاديث كثيرة، وهي ضعيفة عند غيرهما، بناء على توثيقهما لرواة لم يوافقهم أكثر الأئمة على توثيقهم، ولا سيما أن لابن حبان منهجًا خاصًا في التوثيق، لم يرضه الكثيرون من أئمة هذا الشأن.

ومن المشهور المعروف هنا تصحيحات الحاكم في " المستدرك "، فقد ثبت تساهله وسعة خطوه فيها، مِمَّا أخذه عليه كبار الحفاظ النُقَّاد، وَتَعَقَّبَهُ فيها الإمام الذهبي في " تلخيصه للمستدرك "، ولهذا حرص أهل العلم على نقل موافقة الذهبي على تصحيح الحاكم، أو رَدِّهِ له، وإن لم يسلم هو الآخر من أوهام وتساهل في مواضع كثيرة.

ولهذا يلزم تتبع ما قالوه عن الحديث في مظانه، حتى تتوافر عندنا الثقة بصحة الحديث أحسنه وسلامته من الشذوذ والعلة، وكذلك من الخطأ والوهم، وهو يعرض لكل إنسان، مهما عظم قدره في العلم.

وأما ما اختلف في درجته أئمة هذا الشأن، فلا بد من البحث في سنده ومتنه، على أضواء قواعد علم الجرح والتعديل، لبيان درجته، من صحة أو حسن أو ضعف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015