فَيُفهم من الأمر الشرعي أن مقصود الشارع، ومراده يتمثل في القيام بالمأمور به، وكذلك يُفهم من النهي الشرعي أن المقصود منه هو تجنب المنهي عنه وتركه والابتعاد عنه؛ فالأمر والنهي هما الطريق الأول لمعرفة المقاصد الشرعية وإثباتها وتقريرها. أو من خلال النصوص التقريرية1.
ومثال النصوص التقريرية: جملة الآيات والأحاديث التي أقرت كثيرًا من المقاصد والمصالح، كمقصد رفع الحرج الذي أقرته الآية الكريمة: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} 2، ومقصد مراعاة التيسير والتخفيف والذي أقرته الآية: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} 3. وكمقصد العدل والحرية الثابت بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} 4 وقوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} 5. أو من خلال تتبع الأدلة الواردة حول علة واحدة، ومثالها: النهي عن الاحتكار، وعن بيع الطعام قبل قبضه، وعن بيع الطعام بالطعام نسيئة، وكل ذلك قد أفاد مقصد تيسير رواج الطعام وتحصيله6، أو من خلال تتبع السكوت النبوي الوارد في موضع الحاجة إلى البيان الشرعي، فيدل ذلك السكوت على أن المقصد في عدم النطق بالحكم وليس بالتصريح به، ومثاله سجود الشكر7، أو من خلال تتبع اجتهادات السلف8.