...
المبحث الرابع: قدرة المكلف على فهم التكليف
تبين في هذا المبحث كون الأحكام الشرعية يسيرة الفهم والاستيعاب والتعقل من قبل المكلفين؛ لأنها في متناولهم وبحسب مختلف مداركهم؛ ولذلك نزل على الأمين لتصلح للعالمين فيما بعد.
المطلب الأول: فهم التكليف باللسان العربي
من المعلوم قطعًا أن القرآن الكريم قد نزل بلسان العرب على الجملة، ونزل على وفق اللغة العربية وأساليبها وخصائصها وقواعدها؛ فيكون فهم أحكام وتعاليم ومعاني القرآن من هذا الطريق خاصة.
ودليل ذلك قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} 1.
وقوله تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} 2.
وقوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ} 3.
فقد قررت الآيات السابقات كون القرآن الكريم أنزل على لسان العرب معهود في ألفاظها الخاصة، وأساليب معانيها، وأنها فيما فطرت عليه من لسانها تخاطب بالعام يراد به ظاهره، وبالعام يراد به العام في وجه والخاص في وجه، والعام يراد به الخاص، والظاهر يراد به غير الظاهر، وكل ذلك