المطلب الثاني: المشقة التي لا يقدر عليها المكلف

وهي المشقة التي لا يستطيع المكلف تحملها ولا القيام بها، والتي هي التكليف بما لا يطاق الذي إذا فعل أوقع في العناء والتعب الذي لا يجدي.

أو هي التي يستطيع المكلف تحملها؛ غير أنها خارجة عن المعتاد في الأعمال العادية؛ بحيث يحصل للنفوس التشوش والقلق في القيام بِهَا، لما في ذلك من التعب الشديد والحرج البالغ.

ومثال هذا الضرب:

الوصال في الصوم، ففي القيام به خروج عن المعتاد الذي يوقع في الملل والسآمة، ويؤدي إلى اضطراب النفس وتشوشها وضيقها؛ مع أنه مستطاع ومقدور عليه؛ لكنه غير معتاد؛ لذلك شرع الرفق والأخذ من العمل بما لا يحصل مللًا ولا كللًا؛ فهذه المشاق التي لا يقدر عليها، سواءً أكانت من قبيل ما لا يطاق أم كانت من قبيل ما يطاق؛ لكنها غير معتادة ومفضية إلى الملل والسآمة، وربما إلى ترك التكليف من أصله؛ فهذ المشاق غير مقصودة من قبل الشرع، ولا يتعلق بها تكليف. ولا يجوز للمكلف قصدها واعتبارها وترتيب الأعمال على وفقها؛ فإن الشاعر لم يقصد إلى التكليف بالمشاق والإعنات فيه.

وأدلة ذلك:

1- النصوص الشرعية الكثيرة، كقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} 1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015