السليمة، إنها لو كانت كذلك، أو كبعض ذلك لما شُهد لها بالدوام والاستمرار والخلود والبقاء إلى يوم الدين.

فكم عرفت البشرية قديمًا وحديثًا أديانًا وضعية ومذاهب وتقاليد ومقدسات شتى، آل أمرها إلى الاندثار والتلاشي والنسيان، ولم تبق مظاهرها وآثارها، وانتهى كليا كل ما يتعلق بها، وحتى أسماؤها قد غابت وانقضت وذهبت بلا رجعة ولا أمل ولا عودة. ولعل أهم أسبابها مجافاتها للفطرة السليمة والخصائص الإنسانية والكونية والمعهودة والثابتة، ووقوعها في التزيد والتشدد والتنطع والتعمق والتزمت.

ثم إن هذا التخفيف والتيسير ليس على إطلاقه وعمومه؛ وإنما هو منضبط بضابط التكليف ومخالفة الهوى والنزوات، الأمر الذي زاد في تأكيد خاصيات صلاحية الشريعة وواقعيتها ومرونتها، لجمعها بين مبدأ التكليف وحقائقه ومطلوباته وبين سمة التيسير والتوسعة بين مطالب الدنيا والآخرة، وبين الالتزام والاتباع والامتثال، وبين الترخص والتوسع وفق منهجية وسطية متزنة ومنضبطة، لا إفراط فيها ولا تفريط.

وعليه فإن التيسير له مواضعه ومظاهره الثابتة بشرع الله وأحكامه، وليس متروكًا للهوى وللتشهي والتلذذ، وليس كذلك مردودًا وملغي لا يلتفت إليه، ولا يعمل به الميزان والمعيار في كل ذلك: اتباع التيسير والتوسة في المواطن والمواضع الصحيحة، عدم التنصل من التكليف أو من بعض أحكامه تحت تعلة التيسير والتخفيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015