ومنه شعرا قول المتنبي في الدمستق:
أفي كل يوم ذا الدمستق مقدم … قفاه على الإقدام للوجه لاثم؟ (?)
وقول أبي فراس متهكما ببني زرارة عند ما أخذ أحد حلفائهم منهم غصبا:
ما بالكم! يا أقل الله خيركم … لا تغضبون لهذا الموثق العاني؟
جار نزعناه قسرا في بيوتكم … والخيل تعصب فرسانا بفرسان
وتأتي الهمزة للتسوية المصرح بها نحو قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، فهم يعلمون مسبقا أنهم أنذروا ومع ذلك أصروا على كفرهم وعنادهم، ولهذا يجيء الاستفهام هنا للدلالة على أن إنذار الرسول وعدمه بالنسبة لهم سواء.
ومن أجل ذلك خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي ليؤدي معنى مجازيا بلاغيا هو التسوية.
ومن أمثلة التسوية أيضا قوله تعالى: وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ؟، ومنه قول المتنبي:
ولست أبالي بعد إدراكي العلا … أكان تراثا ما تناولت أم كسبا؟
ويسميه بعض البلاغيين «التهديد»، وذلك نحو قولك لمن يسيء الأدب: «ألم أؤدب فلانا؟» إذا كان المخاطب المسيء للأدب عالما بذلك، وهو أنك أدبت فلانا، فيفهم معنى الوعيد والتهديد والتخويف فلا يحمل كلامك على
الاستفهام الحقيقي. ومنه قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ؟.
وهو التفظيع والتفخيم لشأن المستفهم عنه لغرض من