إذا القوم قالوا: من فتى لعظيمة؟ … فما كلهم يدعى ولكنه الفتى
إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلت أنني … دعيت، فلم أكسل ولم أتبلّد
عند ما يخرج الاستفهام عن معناه الأصلي للدلالة على ضآلة المسؤول عنه وصغر شأنه مع معرفة المتكلم أو السائل به، نحو «من هذا؟». والعلاقة أن المحتقر من شأنه أن يجهل لعدم الاهتمام به فيسأل عنه والاحتقار فيه إظهار حقارة المخاطب وإظهار اعتقاد صغره، ولذلك يصح في غير العاقل نحو: «ما هذا؟»، أي هو شيء حقير قليل.
ومما ورد منه في القرآن قوله تعالى على لسان الكفار: أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا؟، ومن أمثلته شعرا:
فدع الوعيد فما الوعيد بضائري … أطنين أجنحة الذباب يطير؟
أتظن أنك للمعالي كاسب … وخبيّ أمرك شرّة وشنار؟ (?)
من أية الطرق يأتي مثلك الكرم؟ … أين المحاجم يا كافور والجلم؟ (?)
أيشتمنا عبد الأراقم ضلّة؟ … فماذا الذي تجدي عليك الأراقم (?)
وهو عدّ الشيء بطيئا في زمن انتظاره وقد يكون محبوبا منتظرا، ولهذا يخرج الاستفهام فيه عن معناه الأصلي للدلالة على بعد زمن الإجابة عن بعد زمن السؤال، وهذا البعد يستلزم الاستبطاء، نحو قولك لمخاطب دعوته فأبطأ في الاستجابة لك: «كم دعوتك؟» فليس المراد هنا الاستفهام عن عدد مرات الدعوة أو النداء، وإنما المراد أنّ تكرر الدعوة قد باعد بين زمن الإجابة وزمن السؤال، وفي ذلك إبطاء، ولهذا جاء