3- الدراسة الصوتية الآلية:

أ- ذكرنا أننا في العصر الحاضر ندرك الأصوات خيرًا من إدراك اليونان والرومان والهنود والعرب لها. ومرجع ذلك إلى جملة أسباب منها أن معلوماتنا عن أعضاء النطق تشريحا وعملا، وعن علم الطبيعة تفوق ما كان يعرفه الأقدمون من ذلك، ومنها: أننا نقارن أصوات لغات كثيرة مختلفة ولا شك في أن خير وسيلة لتحديد خواص موضوع ما، هي -كما يقول موريس جرامون1- أن نقارنه بموضوعات مماثلة ليس لها خواصه نفسها، أو تتصف بها هي نفسها ولكن بدرجة مختلفة. ومن أخص هذه الأسباب وأهمها أننا -حتى لو صح أن آذاننا لا تحسن السماع إحسان القدماء له- أننا نملك من وسائل الملاحظة والفحص والإبانة، ومن وسائل تسجيل ثمار الدراسة ما لم يكونوا يملكون. ولا يزال علماء الأصوات اللغوية، عاكفين على التحسين من وسائلهم، وعلى الإضافة إليها.

ب- ونأخذ الآن في التعريف بالوسائل الآلية التي يلجأ إليها علم الأصوات اللغوية. والبحث في هذه الوسائل الآلية وطرق استخدامها موضوعه "الدراسة الصوتية التجريبية"، أو "الدراسة الصوتية الآلية" كما يؤثر بعض العلماء أن يسموا هذا الفرع من فروع علم الأصوات اللغوية، نحن نستطيع الآن أن نلاحظ كل عضو من أعضاء النطق وهو يؤدي وظيفته عن طريق المجاهر، أو عن طريق التصوير بأشعة إكس، أو بغير هاتين الطريقتين، ونستطيع أن نحدد تحديدا مضبوطا موضع كل عضو من الأعضاء التي تشترك في إحداث صوت ما عن طريق ما يسمى بـ"الحنك الصناعي"2، وعن طريق التصوير بأشعة إكس3، كما أننا نستطيع أن نسجل الصوت تسجيلًا آليًّا، وأن نفسر هذا التسجيل من الناحية الصوتية تفسيرا يزيد من معلوماتنا عن هذا الصوت.

1- من أبسط هذه الوسائل الآلية مرآة صغيرة مثبت بها يد طويلة، هذه المرآة تسمى "مجهر الحنجرة"4. يوضع مجهر الحنجرة بصورة خاصة داخل الفم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015