العلمية الموضوعية: وكل ما يقال فيه هو من قبيل الفروض التي لا تستند إلى أسس سليمة. فنشأة اللغة متصلة بنشأة الإنسان، أو بنشأة المجتمع الإنساني، وبالمخ الإنساني ونموه. وبأطوار الحياة الاجتماعية التي مر بها الإنسان، وبالحاجات والدوافع التي يحتمل أن تكون قد ألجأته إلى اصطناع هذا النظام وهو "اللغة"، إلى غير ذلك من أمور لا يزال ما نعرفه عنها من حقائق أو معلومات ضئيلا غاية الضآلة بحيث لا يمكن من تكوين رأي "علمي". ومن هنا كانت "النظريات" أو "الفروض" التي قدمها الباحثون في نشأة اللغة ضربا من "الميتافيزيقا". ولكن الأبحاث في نشأة اللغة في العصر الحديث لم تتوقف، وقد لخص "أوتو يسبرسن" في كتابه "اللغة ... " أشهر ما سبقه من نظريات في نشأة اللغة، وأتى بنظرية من عنده.
وظهرت بعد يسبرسن نظريات آخر.
ولكن علم اللغة يرجئ تقرير الحق العلمي في نشأة اللغة إلى أن يتم جلاء ما يكتنفه من غموض قد يكشف عنه تقدم علم الأجناس البشرية، وعلم الوراثة، وغيرهما من العلوم الإنسانية، ولو أن الأرجح أن تقدم هذه العلوم وسواها لن يمكننا آخر الأمر من معرفة الظروف التي نشأت فيها اللغة معرفة يقينة1.