والحق أن من النحاة العرب من لم يكن يميل إلى الإفراط في تغليب المنطق على الدراسات النحوية أو اللغوية بوجه عام1.

4- وكانت عناية علماء العربية بـ"مفردات" الكلام العربي، وكانوا يسمون هذا علم "اللغة" عناية بالغة منذ القرن الأول للهجرة، وظلت هذه العناية متواصلة، فكان جمع المفردات الخاصة بموضوع معين، ككتاب الشجر، أو المطر إلخ، أو جمع المفردات لغربية، كغريب القرآن، وغريب الحديث، وحواشي الكلام، أو جمع "الأضداد" أو التأليف في "الترادف" و"الاشتراك اللفظي"2.

وعني العرب من قديم ببيان الكلمات الأعجمية الأصل الدخيلة على الكلام العربي، ونصوا على ما في لغة القرآن الكريم من الأعجمي، ولهم في "المعرب" تصانيف كثيرة من أشهرها كتاب المعرب للجواليقي. ومن عنايتهم بمفردات اللغة تآليفهم في مصطلح العلوم والفنون.

وتبلغ هذه العناية ذروتها في المعاجم العامة، ومن المعروف أن أول معجم من هذا النوع وضع في القرن الثاني للهجرة3.

5- ولم يكتف علماء العربية بالكشف عن الأصول التي يصح بمراعاتها الكلام، بل عنوا بالبحث في أسباب فصاحة "الكلمة" وبلاغة الكلام إلخ ... وقد اتصلت البلاغة العربية كما اتصل النحو العربي بالمنطق، وقد أصاب الدراسات البلاغية الجفاف والعقم لما غلب عليها الاتجاه المنطقي الفلسفي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015