نخرج من هذا بأن بلومفيلد، مع أن "السلوكية" التي طبقها على اللغة سلوكية "آلية" يدخل في اعتباره بعض العناصر غير اللغوية المتصلة بالكلام، ويعتبرها عنصرا لازما لإدراك معنى الكلام. فالمدرسة السلوكية لا تتجاهل بعض ما نسمية العناصر "الاجتماعية" ولكنها تعبر عنها بمصطلحات خاصة بها: إنها لا تتجاهل في الحقيقة شخصية المتكلم وشخصية السامع وبعض الظروف المحيطة بالكلام: بل إن هذه المدرسة بعنايتها بتحليل المظاهر الفسيولوجية والفيزيقية خاصة قد وجهت عناية اللغويين نحو ربط المعنى بمجالات غير الكلام، مجالات تستلزم التحليل على مستويات خاصة.

3- المدرسة الاجتماعية الإنجليزية؛ ج. ر. فيرث 1:

1- يعتمد هذه الاتجاه من اتجاهات المدرسة الإنجليزية اعتمادا كبيرا على آراء برونسلاو مالينوفسكي العالم الأنثروبولوجي البولندي الذي ترك أثرا كبيرا في كلتا المدرستين الإنجليزيتين الأنثروبولوجية واللغوية. إن دراسات مالينو فسكي قد أدت به إلى نظريات قيمة في اللغة فيما يتعلق بدراسة "الكلام الحي" بوجه خاص: لقد وصل مالينوفسكي إلى أن اللغة ليست كما يرى التعريف التقليدي وسيلة من وسائل توصيل الأفكار والانفعالات أو التعبير عنها، أو نقلها..فمثل هذا لا يعدو أن يكون وظيفة واحدة من وظائف اللغة، ورأى أن اللغة كما يمارسها المتكلمون في أي جماعة من الجماعات إنما هي نوع من السلوك، ضرب من العمل، إنها تؤدي وظائف كثيرة غير التوصيل2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015