أراد الكسائي أن يعلم برسالته في "لحن العامة" الاستخدام اللغوي الصحيح، وهذا ما أراده ثعلب أيضًا بكتابه "الفصيح"1. ويعد ثعلب أهم نحوي ولغوي عرفته مدرسة الكوفة في القرن الثالث للهجرة، وقد ألف عدة كتب منها كتاب "الفصيح" الذي يسمى كثيرًا باسم "فصيح ثعلب"، ذكر ثعلب فيه الألفاظ الفصيحة التي يود تقديمها لمن أراد تعلم اللغة الفصحى في صورتها المأثورة القديمة البدوية. أما ابن قتيبة وهو مؤلف آخر من القرن الثالث الهجري فله كتاب بعنوان "أدب الكاتب"، خصص المؤلف فيه فصلا عن اللغة وذكر فيه بعض إرشادات تعليمية تعين على استخدام اللغة الفصحى في صورتها المأثورة2.

وظهور هذه المؤلفات يعكس أمرًا جديدًا، فلم تعد اللغة تتعلم سماعًا، وإنما أصبحت تؤخذ عن طريق الكتب، وفي هذا تحول جديد بدأ مع أواخر القرن الثاني، واستمر في القرون التالية. وهكذا تغيرت الصورة، فأصبحت اللغة العربية مادة تعليمية تؤلف فيها الكتب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015