لهم بالآرامية. ولم تكن هناك لغة آرامية موحدة، بل هناك لهجات آرامية كثيرة، وتعددت الشروح الشفوية الآرامية بتعدد هذه اللهجات ثم كتب الأحبار والربانيون هذه الشروح الآرامية على المشنا. وهكذا ظهر التلمود، فالتلمود البابلي يتألف من المشنا وهي نص عبري، ومن الجمارا وهي الشرح الآرامي للنص العبري. والتلمود الفلسطيني يتألف من المشنا نفسها، ومن الشرح المدون باللهجة الآرامية الفلسطينة ويسمى الجمارا أيضا. المشنا نص عبري واحد، والجمارا "أي النص المُكَمِّل أو الإكمال" تختلف باختلاف اللهجة الآرامية وباختلاف مؤلفيها.
وفي العصور الوسطى لم تزدهر اللغة العبرية إلا في إطار الدولة الإسلامية1 ففي الأندلس الإسلامية عاشت جماعات من اليهود. وشارك اليهود في الحياة الثقافية العربية مشاركة عميقة، فكانوا يتعلمون المعارف العربية، وأراد اليهود أن يؤلفوا بما اكتسبوه من معارف عربية كتبا عبرية. وبذلك كانت المؤلفات العبرية الأندلسية انعكاسا واضحا للثقافة الإسلامية في كل فروع المعرفة، فكتب النحو العبري التي ألفها يهود الأندلس، مثل: مروان بن جناح القرطبي وحيوج والمعاجم التي ألفوها للعبرية والعربية تعد امتدادا وتطبيقا لمناهج البحث اللغوي عند العرب. وقد اهتم اليهود الأندلسيون بالتأليف الأدبي بالعبرية أيضا، وهنا نلاحظ أن الشعر العبري الأندلسي انعكاس واضح للشعر العربي. وكما ألف العرب في فن المقامة ألف الحريزي بعض مقامات عبرية، لقد ترجم الحريزي