2- وأما تناسخ الأصوات الساكنة فقد حدث كذلك في جميع اللغات الإنسانية, فكثير من الأصوات الساكنة في اللغة العربية قد تناسخت في اللهجات العامية وحل بعضها محل بعض, فالسين قد تحولت إلى صاد في بعض المواطن ""ساخن" تحولت إلى "صاخن" في عامية الشرقية وغيرها"، والصاد إلى سين في كثير من الألفاظ في عامية القاهرة وغيرها, فبدلًا من يصدق، مصير ... إلخ، يقال: يسدق، مسير", والضاد إلى ظاء في عامية المغرب وخاصة برقة، وفي لهجة العراق، وفي لهجة نجد والقصيم, وفي لهجات القبائل العربية النازحة إلى مصر من الغرب1 "فبدلًا من: وضوء، يضيع، يضرب، يضم ... إلخ، يقال: وظوء، يظيع، يظرب، يظم ... إلخ"، والعين إلى نون في بعض الكلمات في لهجة العراقيين، فيقال مثلًا: "ينطي" بدلًا من "يعطي"2، واللام إلى ميم في بعض الكلمات في عامية القاهرة "امبارح" بدلًا من "البارحة"3، والميم إلى نون أحيانًا في عامية المصريين "فيقال: "فاطنة" بدلًا من "فاطمة"..وهلم جرا.
وما حدث في اللغة العربية بهذا الصدد حصل مثله في اللغات الهندية - الأوربية؛ فمن ذلك تحول صوت w في اللغة اللاتينية "وكان ينطق به كما ينطق به الآن في الإنجليزية, وكما ينطق بالواو في العربية" إلى صوت v. فقد أخذ الصوت الأول، منذ بدأ العصور الوسطى، يدنو شيئًا فشيئًا من الصوت الأخير, حتى استبدل به في كثير من الكلمات في معظم اللغات المنشعبة عن اللاتينية4.