علم اللغه (صفحة 266)

وبخاصة في المفردات، وترك في الفارسية بعض آثار من التركية. وتجاور الفارسية والعراقية في العصر الحاضر، وإن لم ينته إلى تغلب لغوي، قد نقل إلى كلتيهما كثيرًا من آثار الأخرى؛ في المفردات والقواعد والأساليب. ومجاورة الجرمانية واللاتينية في العصور القديمة، وإن لم ينته إلى تغلب إحداهما، قد نقل إلى أولاهما كثيرًا من مفردات الثانية1, وترك في الثانية بعض آثار من الأولى2.

حـ- الخلاصة.

وقصارى القول: متى أتيح للغتين متجاورتين فرص للاحتكاك لا مناص من تأثر كل منهما بالأخرى، سواء أتغلبت إحداهما أم كتب لكتيهما البقاء, غير أن هذا التأثر يختلف في الحالة الأولى عنه في الحالة الثانية, فإذا كان الفناء قد حقَّ على إحداهما, فإنها لا تقوى على مقاومة ما تقذفها به الثانية؛ من مفردات وقواعد وأساليب, ولا تكاد تسيغ ما تتجرعه منها، فيتخمها ويضعف بنيتها, فتخور قواها, وتفنى أنسجتها الأصلية شيئًا فشيئًا حتى تزول، على حين أن الغالبة تسيغ كل ما تأخذه من الأخرى مهما كبرت كميته وعظم شأنه، فيستحيل إلى عناصر من نوع عناصرها، فتزداد به قوة ونشاطًا، وبدون أن تدع له مجالًا للتأثير في بنيتها أوتغيير تكوينها الأصلي؛ كما كان شأن الإنجليزية والفرنسية الغالبتين مع اللهجات السلتية المغلوبة بإيرلندا وويلز ومقاطعة البريتون3, وإذا كان البقاء قد كتب لكليتهما، تعمد كل منهما إلى ما تأخذه من الأخرى فتسيغه وتقاوم آثاره الهدامة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015