علم اللغه (صفحة 23)

الألسنة أن تخضع أصواتها ومدلولاتها وحياتها وتطورها لجميع القوانين التي تخضع لها اللغات الطبيعية, والتي خضعت لها أول لغة تكلم بها الإنسان؛ فما دام أفراد الأمم الناطقة بها مختلفين في التكوين الطبيعي لجسومهم وأعضاء نطقهم، وفي الظروف الجغرافية والطبيعية والاجتماعية المحيطة بهم، وفي قواهم الإدراكية والوجدانية، وما دامت سنة الطبيعة تقضي أن يختلف كل جيل عن الجيل السابق له في كل هذه الأمور، فلا بد أن تختلف هذه اللغة الصناعية في كلماتها وأصواتها ودلالاتها وتراكيبها باختلاف العصور, وباختلاف الشعوب الناطقة بها، وتختلف أقاسمها باختلاف فنونها، وتنقسم إلى لهجات يختلف كل منها عما عداه، وتتفرع منها لغات عامية، وتتسع الهوة بين لهجاتها قليلًا قليلًا حتى تنفصل كل لهجة منها عما عداها انفصالًا تامًّا, وتصبح غير مفهومة إلّا لأهلها، شأنها في ذلك شأن غيرها من اللغات، وهكذا لن يمضي زمن قصير أو طويل حتى تتولد من هذا العلاج المشكلة نفسها التي حاولنا القضاء عليها: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015