التابعين من لا يكون بينهم وبين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قرناً واحداً، وهم أتباع التابعين الذين شافهوا من شافه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى حفظوا عنهم العلم والآثار، وكثرت عنايتهم في جمع الأخبار، وأمعنوا في طلب الأحكام والتفقه فيها، وضبط أقاويل السلف فيما لم يرد فيه سنة مع الاستنباط الصحيح من الدلائل الواضحة في الأصول التي هي مفزع العالم في الأحوال ورد سائر الفروع إلى ما تقدم من الأصول، حتى حفظ الله جل وعلا بهم الدين على المسلمين وصانه عن ثلب القادحين، وجعلهم أعلى من يقتدى بهم في الأمصار، ويرجع إلى أقاويلهم في الآثار" اهـ ملخصاً. 1

فائدة معرفة "أتباع التابعين":

قال أبو عبد الله الحاكم: "النوع الخامس عشر من علوم الحديث، وهو معرفة أتباع التابعين، فإن غلط من لا يعرفهم يعظم أن يعدهم الطبقة الرابعة، أو لا يميز فيجعل بعضهم من التابعين - كما قدمنا ذكره - وقد ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عمران بن حصين عنه، فقال: "خَيْرُ النَّاسِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَنْشَأُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَحْلِفُونَ وَلا يُسْتَحْلَفُونَ، وَيَخُونُونَ وَلا يُؤْتَمَنُونَ، يَفْشُو فِيهِمُ السِّمَنُ". 2

قال أبو عبد الله: "فهذه صفة أتباع التابعين، إذ جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم خير الناس بعد الصحابة والتابعين المنتخبين، وهم الطبقة الثالثة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وفيهم جماعة من أئمة المسلمين وفقهاء الأمصار، مثل: مالك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015