إلا أن من أورعهم في الدين وأكثرهم تفتيشاً عن المتروكين، وألزمهم لهذه الصناعة على دوام الأوقات: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني رحمة الله عليهم أجمعين".
ثم قال: "ثم أخذ عن هؤلاء مسلك الانتقاد في الأخبار وانتقاء الرجال في الآثار جماعة منهم: محمد بن يحيى الذهلي (ت 258 هـ) ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (ت 255 هـ) ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي (ت 264 هـ) ، ومحمد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ) ، ومسلم بن الحجاج (ت 261 هـ) ، وأبو داود سليمان ابن الأشعث (ت 275 هـ) في جماعة من أقرانهم أمعنوا في الحفظ، وأكثروا في الكتابة، وأفرطوا في الرحلة، وواظبوا على السنة والمذاكرة والتصنيف والمدارسة، حتى أخذ عنهم من نشأ بعدهم من شيوخنا هذا المذهب، وسلكوا هذا المسلك، ولولاهم لدرست الآثار، واضمحلَّت الأخبار، وعلا أهل الضلال والهوى، وارتفع أهل البدع والعمى، فهم لأهل البدع قامعون، وبالسنن شأنهم دامغون" 1. اهـ. ملخصاً.
في هذا النص يلخص لنا الإمام الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان البستي رحمه الله تعالى (ت 354 هـ) تلك المراحل التي مر بها هذا العلم الجليل الذي ميز الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم، وهو علم الرجال أو الجرح والتعديل، وذلك من حين النشأة، وهو السؤال عن الإسناد والتثبت في الرواية في عصر الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، ومروراً بتلك المراحل المختلفة من البحث