ثالثاً: ظهور علم الرجال وبدء التصنيف فيه:

كان ظهور علم الرجال نتيجة لتطور استعمال الإسناد وانتشاره وكثرة السؤال عنه، وكلما تقادم الزمن كثرت الوسائط في الأسانيد وطالت، فاحتيج إلى بيان أحوال تلك الوسائط والتمييز بينها ولاسيما مع ظهور البدع والأهواء وكثرة أصحابها، لذلك نشأ علم الرجال الذي هو ميزة لهذه الأمة على سائر الأمم، وقد جاء التأليف فيه متأخر عن تدوين الأحاديث. 1

ولم تظهر كتب الرجال - فيما وقفت عليه - إلا من بعد منتصف القرن الثاني الهجري.

وأقدم ما وقفت على ذكره من هذه الكتب: كتاب "التأريخ" تأليف الليث بن سعد (ت 175 هـ) ، و "التأريخ" للإمام عبد الله بن المبارك (ت 181 هـ) 2، وذكر الإمام الذهبي: أن للوليد بن مسلم (ت 195 هـ) كتاباً في تاريخ الرجال 3، ثم تتابع التأليف في ذلك كما سيأتي بيانه في الباب الأول من هذا البحث.

وقد كان الكلام في الرواة وبيان أحوالهم قبل التأليف فيه يتناقل مشافهة يتلقاه العلماء بعضهم عن بعض جيلاً بعد جيل.

1- قال الحافظ ابن رجب (ت 795 هـ) : "ابن سيرين (ت 110 هـ) رضي الله عنه هو أول من انتقد الرجال وميز الثقات من غيرهم ... ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015