علم البديع (صفحة 186)

3 - ومنه ما يكون التجريد فيه حاصلا بلفظة «باء المعية» الداخلة على المنتزع، نحو قول الشاعر:

وشوهاء تعدو بي إلى صارخ الوغى … بمستلئم مثل الفنيق المرحل (?)

فالمعنى: ورب فرس هذه صفتها تعدو بي لنجدة المستغيث في الحرب ومعي من نفسي آخر مستعد للحرب. فقد بالغ في اتصافه بالاستعداد حتى انتزع وجرّد من نفسه مستعدا آخر لابسا درعا.

4 - ومنه ما يكون التجريد فيه حاصلا بدخول لفظة «في» على المنتزع منه، نحو قوله تعالى: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ، أي لهم في جهنم، وهي دار الخلد، لكنه انتزع دارا أخرى مثلها وجعلها معدة في جهنم لأجل الكفار تهويلا لأمرها، ومبالغة في اتصافها بالشدة.

5 - ومنه ما يكون التجريد فيه حاصلا بدون توسط حرف، كقول قتادة بن مسلمة الحنفي:

فلئن بقيت لأرحلنّ بغزوة … تحوي الغنائم أو يموت كريم

فالشاعر قد عنى «بالكريم» هنا نفسه، فكأنه انتزع وجرّد من نفسه كريما مبالغة في كرمه. وقيل إن التقدير «أو يموت مني كريم» فيكون من قبيل: «لي من فلان صديق حميم» فلا يكون قسما آخر، وإنما يكون من القسم الأول

الذي يكون التجريد فيه حاصلا بدخول «من» التجريدية على المنتزع منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015