فَفَزِعَ بلفظ الماضي بعد قوله يُنْفَخُ وهو مستقبل، للإشعار بتحقيق الفزع، وأنه كائن لا محالة، لأن الفعل الماضي يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعا به.
ومن أمثلة الالتفات بالإخبار بالفعل الماضي عن المستقبل أيضا قوله تعالى: وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً. وإنما قيل وَحَشَرْناهُمْ ماضيا بعد «نسيّر وترى» وهما مستقبلان للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير والبروز ليشاهدوا تلك الأحوال، كأنه قال: وحشرناهم قبل ذلك لأن الحشر هو المهم، لأن من الناس من ينكره كالفلاسفة وغيرهم، ومن أجل ذلك ذكر بلفظ الماضي.
فالعدول بالالتفات عن صيغة من الألفاظ إلى صيغة لا يكون، كما رأينا، إلا لنوع من الخصوصية اقتضت ذلك. وهذه أمر لا يتوخاه في كلامه إلا المتمرس بفن القول والعارف بأسرار الفصاحة والبلاغة (?).
الجمع: هو أن يجمع بين متعدد في حكم واحد، أو هو أن يجمع المتكلم بين شيئين فأكثر في حكم واحد، كقوله تعالى: الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا، فقد جمع الله سبحانه وتعالى المال والبنون في الزينة.
ومنه قوله تعالى: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (?). فجمع بين الشمس والقمر في الحسبان أي الحساب