التعريفات وإن اختلفت لفظا فإنها تتفق معنى، ولا تخرج جميعها في مضمونها عن مضمون التعريف السابق الذي اصطلح عليه جمهور البديعيين.
فزكي الدين بن أبي الأصبع «654 هـ» قد عرفها في كتابه المسمى «تحرير التحبير» بقوله: «التورية وتسمى التوجيه هي أن يكون الكلام يحتمل معنيين فيستعمل المتكلم أحد احتماليها ويهمل الآخر، ومراده ما أهمله لا ما استعمله».
والخطيب القزويني «739 هـ» يعرفها في كتابه التلخيص بقوله:
«ومن البديع التورية وتسمى الإيهام أيضا، وهي أن يطلق لفظ له معنيان قريب وبعيد، وهي ضربان مجردة ومرشحة» ولم يزد على هذا القدر شيئا.
وصلاح الدين الصفدي «764 هـ» يعرفها في كتابه «فضّ الختام عن التورية والاستخدام» بقوله: «التورية هي أن يأتي المتكلم بلفظة مشتركة بين معنيين، قريب وبعيد، فيذكر لفظا يوهم القريب إلى أن يجيء بقرينة يظهر منها أن مراده البعيد».
وتقي الدين بن حجة الحموي «837 هـ» يعرّفها في كتابه «خزانة الأدب» بقوله: «التورية أن يذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان حقيقيان أو حقيقة ومجاز، أحدهما قريب ودلالة اللفظ عليه ظاهرة، والآخر بعيد ودلالة اللفظ عليه خفية، فيريد المتكلم المعنى البعيد، ويورّى عنه بالمعنى القريب، فيتوهم السامع أول وهلة أنه يريد القريب وليس كذلك، ولأجل هذا سمى هذا النوع إيهاما» (?).
...