ما برأته الطبيعة إنسانا مثله، فهو يأبى إلا أن يروض له كأنه جواد ركوب، وأن يصاغ على هواه كأنه شجرة في بستانه1"، وهذا ضد الاتجاه المسيحي الذي يرى أن تلك الطبيعة الإنسانية شريرة في أصلها2.

ومن مذاهب هذا الاتجاه مذهب العاطفة الجمالية الذي ذهب إليه جون روسكين "John Ruskin" والذي يرى أن الإحساس بجمال الطبيعة وآثار الفن البديعة هو الأساس للشعور الأخلاقي، ولقد بالغ في الأمر حتى اعتبر تعبد الجمال أخلاقا، فالجمال الذي أبدعته يد الخالق والجمال الذي صنعته يد الفنان كلاهما يهب الإنسان سموا ونبلا، والإحساس بذلك يؤدي إلى السعادة الروحية التي هي هدف الأخلاق3.

ومن أنصار هذا الاتجاه "شوبنهور" الذي أعاد أساس الأخلاق إلى غريزة التعاطف والتراحم، فقال: "إن التعاطف المباشر وهو شعور غريزي يقصر وحده عن بناء الأخلاق ولا بد من عاطفة الرحمة"4 وشبيه بهذا ما ذهب إليه "وليم مكدوجل" حيث إنه أثبت مجموعة من الغرائز أو الميول الفطرية في الطبيعة الإنسانية وعلى رأسها مراعاة الذات والحنان والتقزز من كل ما هو كريه ومنبوذ واعتبرها استعدادات أولية للأخلاق والتنمية الأخلاقية5.

وأخيرا من أنصار هذا الاتجاه "فولتير" الذي أرجع قانون الأخلاق إلى الطبيعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015