وبناء على ذلك تكون الأخلاق في نظر الاتجاه الاجتماعي علما وضعيا واقعيا يدرس سلوك الإنسان مرتبطا بزمانه ومكانه، وليس علما معياريا مثاليا يدرس السلوك من حيث ما ينبغي أن يكون عليه وفقا للمثل العليا التي يؤمن بها المجتمع على أنها فوق موضوعاته.

ومنها الاتجاه المثالي العقلي الذي يفهم الأخلاق على خلاف الاتجاه السابق تماما، فهو يرى أن الأخلاق هي السلوك الإنساني كما ينبغي أن يكون وفقا للمثل العليا التي توجب على العقل الإنساني أن يسايرها في سلوكه لا لغاية بل لأنها واجب.

فالشعور بأن هذا السلوك أو ذاك واجب هو الذي يضفي عليه الصفة الخلقية، إذن فالأخلاق بناء على هذا الاتجاه علم معياري لا وضعي كما ذهب إليه الاجتماعيون الوضعيون.

ومن أهم خصائص الأخلاق في هذا الاتجاه -على نحو ما ذكره الدكتور توفيق الطويل- أنها عامة وليست جزئية، ضرورية وليست عرضية، واضحة بذاتها لا تقبل برهانا ولا تقبل شكا ولا جدلا ولا تحمل تناقضا1.

وقد تمثل هذا الاتجاه في أضيق صوره، أو ذروة مثاليته لدى الفيلسوف الألماني "كانط" وهو يتفق في اتجاهه العقلي مع الاتجاه العقلي اليوناني في الأخلاق الذي يتمثل لدى سقراط وأفلاطون وأرسطو2 وإن كان يختلف عن هؤلاء في الهدف الأخلاقي إذ إنه أنكر أن يكون للأخلاق هدف أو غاية وإن كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015