التفكير الإسلامي في هذا الموضوع، واتجاهه فيه من بين تلك الاتجاهات، ولقد سبقت بعرض مجمل وأغلب تلك الاتجاهات الفلسفية في أغلب الموضوعات الرئيسية، لما رأيت أن كل ما أريد أن أفيده في هذا الصدد لا أستطيع إفادته إلا بهذا النظام والترتيب، كما أن سعة الموضوع بوجه عام ورغبتي في الإيجاز مع ذلك أوجبتا علي الإشارة بقليل من اللفظ إلى كثير من المعنى، ولهذا أشرت أحيانا بالمقدمات إلى النتائج، كذلك وجدتني مضطرا إلى تركيز معالجتي على معالم الموضوع الهامة والضرورية فقط، بناء على هذا كله وبناء على متطلبات المادة العلمية والفكرة المنهجية التي ألمعت إليها حددت مراحل البحث في هذا الجزء على النحو التالي:
فقد تطلب منطق البحث أن أعقد أولًا بابًا أحدد فيه مفهوم علم الأخلاق الإسلامية، ثم أحدد فيه كذلك غاية الأخلاق ومجالها ومدى ضرورتها للحياة الإنسانية في نظر الإسلام.
ثم رأيت أنه لا بد من بيان الأسس التي يقوم عليها بناء علم الأخلاق الإسلامية، وكانت هذه الأسس هي الأساس الميتافيزيقي والواقعي والطبيعة الإنسانية والحرية والمسئولية والجزاء، وقد عالجت هذه الأسس في الباب الثاني وأفردت كل أساس بفصل مستقل.
وبعد هذا تطلب الأمر أن أحدد المعايير التي نستطيع بها التمييز بين السلوك الأخلاقي وغير الأخلاقي والتي تمكننا من تحديد قيمة الأخلاق، وأن نتعرف أيضا على حقيقة القيم الأخلاقية من الناحية النظرية والعلمية.
وهذا مرتبط بالموضوع السابق؛ لأن تحديد القيمة مبني على تحديد المعيار