الإنسانية نفسها من ناحية ثم بينها وبين السلوك الإنساني من ناحية أخرى, كما أنها عملية تهذيب وتربية لهذه الطبيعة ثم عملية توجيه الإنسان إلى السلوك اللائق به في الحياة كأفضل مخلوق في الأرض من أجل رسالة معينة1 خلقت من أجله هذه الدنيا لتحقيق تلك الرسالة فقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ, وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ, وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} , وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} 3.

2- أما الناحية الثانية لصلة الطبيعة الإنسانية بالأخلاق فهي أنها مصدر له أو منبع للأخلاق، وقبل أن أبين رأي الإسلام في هذه النقطة ينبغي أن أشير إلى آراء الفلاسفة فيها بصفة عامة لنعرف أين يقع رأي الإسلام.

للفلاسفة ثلاث اتجاهات عامة:

الاتجاه الأول: يرى أن منبع الأخلاق هو طبيعة الإنسان نفسه سواء أكانت هذه النشأة عن طبيعته الغريزية أم عقله أم حدس ضميره، وهذا هو اتجاه الحدسيين والعقليين.

والاتجاه الثاني: يرى أن الأخلاق نشأت عن تجربة الإنسان أو أن تجربة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015