مما يستطيعه الذكاء, فالذكاء ينظر إلى الحياة من خارجها, أما العاطفة فعلى العكس من ذلك تستقر في داخل الحياة, فضروب النشاط غير العقلية للروح -أعني بالعاطفة الحاسة الخلقية والحاسة الجمالية وحاسة التقديس- هي التي تجلب لنا القوة والبهجة, وهي التي تهب الفرد قدرة الخروج من نطاق نفسه والاتصال بالآخرين وحبهم والتضحية بنفسه من أجلهم"1, ثم يقول أيضا: "والفضل في انطلاق الروح خارج العالم المادي يرجع بوجه خاص إلى ضروب نشاطنا غير العقلي, وهذه الخاصية التي تجعل الذات المادية العقلية توجد في آن واحد داخل العالم المادي، وداخل عالم آخر, بعيد عن متناول العقل والعلم في الوقت الحاضر على الأقل، وتجعل من الكائن البشري شيئا يختلف عن جميع الأشياء التي توجد على وجه الأرض"2.
إذا كان الأمر كذلك فواقع الإنسان غير واقع الحيوان من بعض الوجوه, فواقع الإنسان في الحياة هو: جميع القوانين المتصلة بطبيعته سواء أكانت هذه القوانين بيولوجية أم نفسية أم روحية، وصلة ذلك كله بالعالم المادي والمعنوي، ولا تكون حياة الإنسان واقعية إلا إذا كانت منظمة على أساس تلك القوانين جميعا.
والأخلاق الأسلامية -كما رأينا في الموضوعات السابقة وكما سنرى في الموضوعات اللاحقة- تعتمد في تنظيمها الخلقي لحياة الإنسان على تلك القوانين مجتمعة، ومن الأدلة البارزة على ذلك أن الإسلام لم يكلف الإنسان فوق