ثاينا: أهمية الأساس الاعتقادي
وهذا الأساس بهذا المفهوم في غاية الأهمية في الاتجاه الأخلاقي في الإسلام, ذلك أنه يعتبر السند الذي يعتمد عليه في إقامة النظام الخلقي وفي عملية الالتزام به، فبدون هذا الأساس تفقد الأخلاق قدسيتها وعظم تأثيرها في الإنسان, ولا يمكن أن تطبق الأخلاق تطبيقا عمليا دقيقا في السر والعلن إلا إذا اتخذ هذا الأساس في قلوب البشر مكانا, وآمنوا به إيمانا صادقا, ويقول "فرويل" هنا: "إن الإيمان يجعل الإنسان يعيش ساكنا قويا في كل الأحوال وظروف هذه الحياة, وعن طريق التعليم الديني يمكن أن يعرف الإنسان واجباته والقيام بأدائها".
وليس هذا أساسا للسلوك الأخلاقي فقط بل أساس للحياة, إذ لا معنى للحياة -في الحقيقة- دون وجود هذا الأساس ودون الاعتماد عليه.
والذي يقرأ كتاب الوجوديين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر يرى كم يعانون من الاضطراب النفسي والقلق في أعماق قلوبهم, وخاصة كتاباتهم في التفكير الأخلاقي وهم يحاولون أن يبرروا ذلك كله بإسناده إلى الطبيعة أو إلى طبيعة الحياة, والحقيقة أنه ليس من الطبيعة, بدليل أننا لا نجد هذه الظاهرة عند غيرهم بصورة عامة, ولعل ذلك من طبيعة عدم الإيمان إذ إن في طبيعة الحياة الإنسانية جانبا لا يملؤه إلا الإيمان, فوجود هذا الفراغ في حياة هؤلاء هو السبب في إحساسهم بالنقص والقلق والاضطراب في الحياة, وذلك الإحساس هو الذي يدفعهم في بعض الظروف المحرجة إلى محاولة التخلص من هذه الحياة, وذلك إما بالانتحار وإما بالتردي في حياة السُّكْر، وهذا قضاء على الحياة بطريق غير