علل النحو (صفحة 9)

والتصغير، وَغير ذَلِك مِمَّا يخْتَص بالأسماء دون الْأَفْعَال، لِأَن الْإِعْرَاب لَا يُغير معنى الْفِعْل بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ، وَصَارَ مَا ذكرته يُوجب تَغْيِير معنى الْفِعْل وإخراجه إِلَى أَن يكون اسْما، إِذْ كَانَت الْمعَانِي الَّتِي اخْتصَّ بهَا الِاسْم مِمَّا لَا يَصح دُخُولهَا على الْفِعْل، وَإِنَّمَا اخْتصَّ بهَا من حَيْثُ كَانَ اسْما، فَلذَلِك وَجب أَن يحمل الْفِعْل على الِاسْم من أجل مَا أشبهه فِي حكم لَا يُغير مَعْنَاهُ، ويلحقه بِمَعْنى الْأَسْمَاء، وَهُوَ الْإِعْرَاب، إِلَّا أَن الْجَزْم لم يجز دُخُوله على الِاسْم، لِأَنَّهُ لَو دخل عَلَيْهِ لأوجب حذف شَيْئَيْنِ، وهما: التَّنْوِين وَالْحَرَكَة، وَالِاسْم فِي نِهَايَة الخفة، فَكَانَ ذَلِك يُؤَدِّي إِلَى الإجحاف بِهِ، فَسقط الْجَزْم من الْأَسْمَاء، وَأدْخل فِي الْأَفْعَال، إِذْ كَانَ الْفِعْل ثقيلا يحْتَمل الْحَذف وَالتَّخْفِيف، فاستقر الْجَزْم للْفِعْل لما ذكرنَا.

وَبَقِي من الْإِعْرَاب ثَلَاثَة أضْرب، وَهُوَ: الرّفْع وَالنّصب والجر، فالجر امْتنع من الْفِعْل، لِأَن الْجَرّ إِنَّمَا يكون بِالْإِضَافَة، وَالْفضل بِالْإِضَافَة تَخْصِيص الْمُضَاف، وَالْفِعْل لَو أضفت إِلَيْهِ لم تخص مَا قبله، أَلا ترى أَنَّك لَو قلت: هَذَا غُلَام، لَكِن مُبْهما، فَإِذا قلت: غُلَام زيد، اخْتصَّ بِملك زيد، فَلَو قلت: جَاءَنِي غُلَام يقوم، لم يخْتَص الْغُلَام بإضافته إِلَى (يقوم) لِأَن الْقيام يكون من زيد، وَمن عَمْرو، وَسَائِر النَّاس، فَلهَذَا أسقط الْجَرّ من الْفِعْل.

وَوجه آخر: وَهُوَ أَن الْمَجْرُور يقوم مقَام التَّنْوِين، وَالْفِعْل لَا يَخْلُو من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015