علل النحو (صفحة 69)

قيل لَهُ: أصل الْجَرّ إِنَّمَا هُوَ بالحروف دون الْأَسْمَاء، وَالْإِضَافَة فِي الْأَسْمَاء على مَعْنيين:

أَحدهمَا: بِمَعْنى اللَّام.

وَالْآخر: بِمَعْنى (من) .

فَإِذا قَالَ الْقَائِل: (جَاءَنِي غُلَام زيد) ، فَالْأَصْل: غُلَام لزيد، فزيد جر بِاللَّامِ، وَإِذا حذفت اللَّام قَامَ الْغُلَام مقَامهَا، فَيبقى جر زيد على مَا كَانَ عَلَيْهِ، إِذْ كَانَ قد قَامَ مقَام مَا يخفضه شَيْء، وَهُوَ الْغُلَام.

وَكَذَلِكَ إِذا قلت: (ثوب خَز) ، فَالْأَصْل: ثوب من خَز، فَلَمَّا حذفت (من) قَامَ الثَّوْب مقَامهَا.

فَإِن قَالَ قَائِل: مَا الْفَائِدَة فِي حذف اللَّام و (من) ؟

قيل لَهُ: الْفَائِدَة فِي ذَلِك أَنَّك إِذا قلت: جَاءَنِي غُلَام لزيد، فَإِنَّمَا تخبر أَن وَاحِدًا من غلْمَان زيد جَاءَك، وَلَيْسَ مَعْرُوفا بِعَيْنِه، فَإِذا أَرَادوا غُلَاما بِعَيْنِه حذفوا اللَّام، ووصلوا بَين الْغُلَام وَزيد، وَجعلُوا هَذَا الِاتِّصَال من جِهَة اللَّفْظ دلَالَة على اخْتِصَاصه من سَائِر غلمانه، فَإِذا قلت: جَاءَنِي غُلَام زيد، فَمَعْنَاه: جَاءَنِي الْغُلَام الْمَعْرُوف لزيد.

وَأما قَوْلهم: (ثوب خَز) فَإِنَّمَا حذفت (من) تَخْفِيفًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015