علل النحو (صفحة 60)

كَانَت أولى بالإضمار.

وَأَيْضًا فَإِن (أَن) لَيْسَ لَهَا معنى فِي نَفسهَا، كمعنى (لن وَإِذن وكي) ، وَلأَجل أَن نضعها فِي مَعْنَاهَا جَازَ أَن تحذف، وَلم يجز إِضْمَار أخواتها، لِكَثْرَة فائدتها.

فَإِن قَالَ قَائِل: فَهَل يجوز الْقيَاس على هَذَا حَتَّى يجوز إِضْمَار (أَن) بِكُل مَوضِع؟

قيل لَهُ: لَا.

فَإِن قَالَ: فَلم خصت هَذِه الْمَوَاضِع بِهَذَا؟

قيل لَهُ: إِنَّمَا لم يجز إِضْمَار (أَن) فِي كل مَوضِع، لِأَنَّهُ عَامل ضَعِيف، وَلَيْسَ من شَرط الْعَامِل الضَّعِيف أَن يعْمل مضمرا، وَإِنَّمَا جَازَ إضماره فِي هَذِه الْمَوَاضِع لِأَن هَذِه الْحُرُوف والعوامل - أَعنِي (اللَّام وَحَتَّى وأخواتهما) - صَارَت عوضا مِنْهَا، فجرت فِي الْعِوَض مجْرى (الْوَاو) الَّتِي تقع عوضا من (رب) ، كَقَوْلِه:

وبلد عامية أعماؤه [وَكَقَوْلِه] :

(وبلدة لَيْسَ بهَا أنيس ... إِلَّا اليعافير وَإِلَّا العيس)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015